الاثنين، 4 مايو 2015

اللقاح الثلاثي، الرباعي، الخماسي والسداسي

1.    لقاح ضد مرض الكزاز
وهو مرض حاد وقاتل، يصيب كل عضلات الجسم بالتصلب مع ألم مبرح، والجهاز العصبي والدماغ ويوقف عملية التنفس نتيجة الشلل الذي يحدثه في عضلات الوجه والقفص الصدري، إلى تداعيات أخرى. وجرثومة الكزاز موجودة في أي مكان في الطبيعة (التراب، الصدأ وحتى على شوك الوردة!) وتدخل جسم الإنسان عن طريق الجرح أو الحرق الملوث وغيرها (كالأدوات الطبية غير المعقمة).
2.    لقاح ضد داء الخانوق
وهو، كما تشير تسميته، مرض شديد الخطورة، يبدأ بإصابة الخناق بالتهاب حاد، وعند إصابة الحنجرة تتكون طبقة احتقان حاد صلبة تلتصق بالأغشية بشكل يصعب نزعها (كما يقوم الطبيب بنزع التقيح المتراكم على اللوزتين والخناق)، وهي عبارة عن طبقة عاجية الشكل والمضمون، تؤدي إلى انسداد مجرى التنفس والاختناق، وتتمدد الإصابة نزولاً نحو الأطراف وتؤدي إلى الشلل العام؛ وهكذا يتضح أن تطور إصابة الشلل في حالة الخانوق تسري من الرأس نزولاً نحو الأطراف، بينما الإصابة بمرض شلل الأطفال، على عكس ذلك، تبدأ بالأطراف وتتطور من ثم نحو الرأس والدماغ (لم نعد نرى هذه الحالات القاتلة أو المعيقة، والفضل في ذلك يعود إلى اللقاحات).
3.    لقاح ضد مرض الشاهوق أو السعال الديكي
وهو يصيب الأطفال عموماً، ويشكل خطراً داهماً على حياة الطفل كلما كان صغيراً، بخاصة لدى حديثي الولادة والرضع؛ نظراً لنوبات السعال الحاد التي تنتاب الطفل وتؤدي إلى التوقف الحاد للتنفس حتى الاختناق.
هذه اللقاحات الثلاثة سببها ثلاث جراثيم مختلفة، من نوعية البكتيريا، حضرت في بادئ الأمر في لقاح ثلاثي وسمي لقاح (DPT). بعد التطبيق المتواصل لهذه اللقاحات، في مختلف بلاد العالم، تدنت وبشكل ملحوظ نسبة هذه الأمراض، مع الاحتياطات الوقائية في حال الجروح بالنسبة إلى لقاح الكزاز، إلى اكتشاف مضادات حيوية فعالة ضد الجراثيم، وقد تراجعت نسبة التداعيات لهذه الأمراض، وغابت الإصابات في معظم أنحاء العالم، ما عدا بعض البؤر المتواجدة في بعض البلدان بالنسبة إلى الشاهوق؛ لكن مع تحسن نوعية اللقاح ضد هذا المرض الأخير، لم تعد تسجل إلا حالات فردية منه، خصوصاً لدى الكبار المسنين الذين لم يتلقوا اللقاح خلال طفولتهم.
4.    اللقاح ضد مرض شلل الأطفال (Poliomyelitis)
شلل الأطفال، مرض فيروسي، شديد العدوى قاتل أو معيق؛ يمكن أن يصيب النخاع الشوكي والدماغ مشكلاً الشلل. تدخل الجرثومة الجسم من خلال الفم، بواسطة المياه الملوثة (عن طريق البراز)، تتكاثر بعدها في الأمعاء مشكلة حالة التهاب حاد، ارتفاعاً في الحرارة، أوجاعاً في الرأس، تعباً عاماً مع تصلب في الرقبة وآلام في الظهر. تنتقل الجرثومة من ثم إلى الدم وتصيب الجهاز العصبي وتحدث حالة شلل غير قابل للشفاء؛ ومن مضاعفات المرض (خارج نطاق الوفاة) الشلل الجزئي للأطراف أو الاختناق نتيجة إصابة عضلات التنفس والبلع.
مع الأسف الشديد، لا يزال شلل الأطفال يفتك بالمئات، بل الآلاف من الأطفال في العديد من دول العالم الثالث والبلاد الفقيرة، ومعظمها في قارتي آسيا وأفريقيا، حيث طالعتنا الأخبار أخيراً عن آلاف الإصابات التي سجلت في جنوبي نيجيريا وأودت بحياة الكثير من الأطفال (لأسباب خارجه عن طاقة منظمة الصحة العالمية WHO). أما في البلاد العربية، لا يزال المرض كامناً في بعض منها (اليمن، الصومال).
بادئ الأمر، توافر اللقاح بواسطة جرعة بالفم (جرثومة الشلل حية لكنها مخففة الفاعلية المرضية، وتحفز على تكوين المناعة ضد شلل الأطفال)؛ من ثم وضع قيد التداول لقاح بواسطة الإبرة بالعضل (الجرثومة في هذا الشكل من اللقاح عولجت، فهي غير حية، لكن حافظت على خصائصها الوراثية للحصول على المناعة نفسها). حالياً يتوفر اللقاح بالشكلين، إذ يستعمل اللقاح الفموي في حالات الجرعات التذكيرية.
يعطى لقاح شلل الأطفال من خلال إبرة (بالعضل أو تحت الجلد) ضمن اللقاح الرباعي (خانوق، كزاز، شاهوق، شلل أطفال) وعلى ثلاث دفعات ابتداء من الشهر الثاني من عمر الطفل الرضيع؛ تفصل بين الدفعة والأخرى فترة شهر أو شهرين، ويعاد اللقاح ولمرة واحدة بعد مرور 12 شهراً على الدفعة الثالثة، ثم مرة كل عام إلى حين بلوغ الطفل سن 5 سنوات؛ بعد هذا العمر تحصل بعض التعديلات في إعطاء اللقاح، يشرحها الطبيب المتابع، مع الإشارة إلى أهمية متابعة تذكير هذه اللقاحات حسب إرشادات الطبيب.
من هنا نستنتج أهمية الجرعات التذكيرية، لكل اللقاحات وليس ما يخص لقاح الشلل وحسب، ما مكن القضاء على هذا المرض القاتل. من المهم دائما العودة إلى الطبيب المتابع أو طبيب الأطفال للاستعلام عن مواعيد اللقاحات التذكيرية الواجب إعطاؤها للأولاد، اليافعين، الشباب والصبايا وحتى لدى الكبار (لقاح الكزاز يذكر مدى الحياة مثلاً! نعم ليس في ذلك ما يستدعي التعجب، أي منا بمنأى عن التعرض للجروح).
5.    لقاح التهاب الكبد من فئة ب (Hepatitis B)
مرض فيروسي، يصيب الكبد مع ضمور حجم، هذا العضو الهام في الجسم (الذي يعتبر مع القلب والدماغ من الأعضاء النبيلة) يخلص الجسم من السموم (المتأتية من الغذاء والأدوية) إلى جانب وظائفه الأساسية، للإصابة تداعيات على بقية أعضاء الجسم خصوصاً القلب والدماغ. تأتي العدوى بهذا المرض عن طريق نقل الدم الملوث، الحامل للجرثومة، ومن المرأة الحامل إلى الجنين عن طريق الحبل السري، أو باستعمال الإبر أو الأدوات الطبية غير المعقمة. وهذا ما لم يعد يحدث في عصرنا الحاضر في الحقل الطبي بعد وسائل التعقيم الحديثة، وتوافر الإبر المعقمة الجاهزة للاستعمال لمرة واحدة، والمراقبة الحديثة لنقل الدم. لكن مع الأسف، إن هذه الإبر غير المعقمة تستعمل للحقن في العرق أو العضل، من قبل أفراد في مجتمعات تتعاطى المخدرات وتدمن عليها.
تعطى الدفعة الأولى من هذا اللقاح (حقنة في العضل) في اليوم الأول لولادة الطفل، ثم الثانية بعد فترة شهر من الأولى، الثالثة بعد شهر أو شهرين، ويمكن تمديد هذه الأخيرة حتى خمسة أشهر.
أثبتت الدراسات والتحاليل أن هذا اللقاح لا يتوجب، حتى الآن، تذكيره نظراً للمناعة المستديمة التي يؤمنها.
 6.  لقاح ضد جرثومة مستدمية الأنفلونزا (Haemophilus influenzae)         
لقاح ليس جديد العهد نسبياً، كان يودي بحياة الملايين من الأطفال في العالم سنوياً؛ سببه هذه الجرثومة التي تسمى مستدمية الأنفلونزا أو المستديمة النزلية وهي من فصيلة البكتيريا، ليس لها أية علاقة بجرثومة الأنفلونزا التي تنتمي إلى عائلة الفيروسات.
تصيب هذه البكتيريا السحايا (التي تشكل أغشية الدماغ) بنوع من الالتهاب، ما يؤدي إلى علامات مرضية عصبية وتتمثل، عموماً، بارتفاع عال وخبيث للحرارة يرافقها، استفراغ شديد الوطأة على الطفل، وتصلب في عضلات الرقبة لدى الأولاد خصوصاً، تشنجات عصبية واضطراب في الوعي يصل إلى حد فقدانه كاملاً (coma) وارتفاع الضغط في يافوخ الطفل (المنطقة في مقدمة الجمجمة غير المغطاة بالعظم والتي تسمح للدماغ بنمو أغشيته داخل الجمجمة، تختم هذه المنطقة عند بلوغ الطفل عمر السنتين تقريباً، حيث يكون الدماغ قد بلغ حجمه النهائي)؛ هذا مع وجود أشكال سريرية للمرض، بخاصة لدى الأطفال حديثي الولادة والرضع، مختلفة وبعيده كل البعد عن هذا الشكل الذي أوردنا (مثلاً فقدان قوة المص عند الرضاعة، رفض الثدي أو القنينة، عدم ارتفاع الحرارة بل العكس هبوطها، همود، تدني مستوى اليافوخ، كلها علامات مهمة، تسترعي انتباه ويقظة طبيب الأطفال).
يبدأ بإعطاء هذا اللقاح للأطفال عند بلوغ الشهرين، على ثلاث دفعات، تفصل بين الواحدة والأخرى فترة شهر أو شهرين، ليعاد في حقنة تذكيرية بعد مرور عام على الدفعة الثالثة (ليس له تذكير فيما بعد، لأن النسبة العالية للحالات تسجّل، إجمالاً، قبل عمر 3 سنوات وحيث يكون الطفل قد حصل على المناعة التي تحميه ضد هذا النمط من التهاب السحايا، وذلك من خلال الحقن الأربع التي أعطيت له).
يعطى هذا اللقاح مع اللقاح الرباعي (شلل+شاهوق+خانوق+كزاز) ضمن حقنة واحدة ليصبح اللقاح خماسياً؛ وقد أضيف إليها مؤخراً لقاح «التهاب الكبد ب» إذ أصبح متوافراً بين أيدينا لقاح يحمي ضد ستة أمراض (hexa vaccine) في حقنة واحدة، وهذا تطور مهم طبياً، عملياً واقتصادياً.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق