الاثنين، 22 يونيو 2015

الصيام وأثره علي نقصان الوزن والحد من السمنة

نظرا لما يحدثه صيام شهر رمضان من تغيير في نظام الغذاء , وما يترتب عليه بالطبع من إحداث تغييرات فسيولوجية وحيوية في جسم الإنسان والمتمثلة في وزن الجسم، وفي مكونات الدم ومن أهمها سكر الدم (الجلوكوز) والدهون وحمض البول وغيرها وذلك بسبب طول وانتظام فترة الصيام الشهرية والتي قد تمد إلى 30 يوما، وطول وانتظام فترة الصيام اليومية والتي قد تصل إلى 15 ساعة .
أتناول في هذا المقال التغيرات المتمثلة في وزن الجسم، وسوف أتناول في المقال القادم التغيرات المتمثلة في مكونات الدم ومن أهمها سكر الدم (الجلوكوز) والدهون (الكلوسترول) وحمض البول وغير ذلك.
بالرجوع إلي العدد الكبير من الدراسات والأبحاث التي أجريت على الصائمين والتي أوضحت في مجملها بأن وزن الجسم قد يتغير في نهاية شهر رمضان إما على شكل زيادة أو نقصان في الوزن مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل الشهر أو بعده، بنسب متفاوتة قد تصل من 3% إلى 4% كمعدل للنقصان ومن 2% إلى 3% كمعدل للزيادة .
علي الرغم من أن الكثير من العلماء والباحثين أوضحوا بأن الصوم هو الذي يساعد في إنقاص الوزن الزائد وليس العكس وذلك إذا التزم الصائم بقواعد الصوم وقام بإتباع عادات غذائية صحيحة سليمة , ولكن ومع كل هذا فإن الصيام قد يؤدي بالفعل إلى زيادة في الوزن كما أشرنا أعلاه وذلك إذا لم يلتزم الصائم بقواعد الصوم وقام بتناول كميات كبيرة من السكريات والمواد الغنية بالدهون خلال فترة الإفطار، وأفرط في تناول الطعام بعد فترة الصيام، والمتميزة بتنوع الأطباق المتناولة من الطعام وزيادة تناول الدهون والسكريات خلال فترة الإفطار وبالأخص عند وجبة الإفطار الرئيسية وبدرجة اقل عند وجبة السحور , علاوة علي ذلك فإن هذه الزيادة قد تعزى إلى بعض الممارسات الخاطئة لدى بعض الصائمين والمتمثلة بقلة الحركة وقلة العمل، وكثرة الجلوس والإفراط في النوم , خلافا لما يجب أن يكون عليه حال المسلم من الحركة والعمل والعبادة خلال شهر رمضان الكريم .
أما نقصان الوزن الذي قد يحدث خلال شهر رمضان الكريم فهو ما نتوقعه وهو ما أشارت إليه معظم الأبحاث والدراسات، والتي في مجملها وجدت أن نسبته اكبر من نسبة الزيادة في الوزن . هذا النقصان في الوزن قد لا يحدث بالطبع لكل الصائمين , وإن حدث فهو يختلف أيضا باختلاف بنية الجسم والجنس وطبيعة العمل ونوع الغذاء وغير ذلك , فعلى سبيل المثال نجد أن نسبة الانخفاض في الوزن يمكن ملاحظتها بشكل كبير عند الأشخاص المفرطين في الوزن اكبر من نسبة الانخفاض عند الأشخاص النحيفين أو الذين لهم وزن طبيعي .
وبناء علي ذلك يمكن تفسير هذا التغير والمتمثل في نقص الوزن إلى عدة عوامل من أهمها:
· نقص معدل تناول الماء والسوائل: هذا النقص الناشئ عن الفقد المفاجئ للسوائل داخل الجسم والذي يُعبر عنه علميا بالنقص في توازن السوائل أو ما يسمى بالتوزيع الطبيعي للسوائل داخل الجسم ، قد يتركز بشكل واضح في الأسبوعين الأولين من الصيام ولكنه ، ما يلبث أن يعود إلي حالته الطبيعية خلال الأسبوع الثالث وما يعده، وذلك من خلال تقليل كمية البول وزيادة تركيزه من خلال زيادة امتصاص أملاح الصوديوم داخل الكلى، ومن ثم تقليل فترة التبول في كل مرة. وبالرغم من التأثير السلبي لاختلال توازن السوائل داخل الجسم بسبب انخفاض كمية السوائل المتناولة والتبول ، إلا أن له جانب صحي ايجابي، يتمثل في كونه من إحدى أسباب نقصان الوزن وخاصة خلال النصف الأول من رمضان .
· نقص كمية السعرات الحرارية المتناولة يوميا . هذا النقص الذي يُعبر عنه علميا بالنقص في الطاقة الغذائية المتناولة يُعتبر من أهم العوامل المؤثرة في نقصان وزن جسم الصائم. قد تتساءل أخي الصائم وتقول بأن بعض الأشخاص الصائمين قد يزداد وزنهم مع نهاية شهر رمضان , ولكن عليك أن تعلم بأن هذه الزيادة ما كانت لتحصل لهؤلاء الأشخاص الصائمين لو امتنعوا عن تناول كميات من السعرات الحرارية التي تفوق حاجة أجسامهم خلال وجبتي الإفطار والسحور والتي تتميزا بتنوع وكثرة أصناف الطعام.
· استهلاك كميات من الطاقة المخزونة في الجسم : كما أشرنا سابقا في المقالات الصحية الرمضانية ,,, فإنه خلال فترة الصيام يستهلك الجسم الجلايكوجين أو سكر الكبد , الذي يعتبر المصدر الرئيسي للطاقة في مدة لا تتجاوز من 6 - 8 ساعات تقريبا من بدأ الصيام , وبعد أن يستهلك الصائم مخزونه من الطاقة المُخزن علي شكل جلايكوجين يتحول جسم الصائم إلى استهلاك الطاقة من مصادر أخرى في الجسم مثل الدهون والبروتينات والتي يُنتج عن تكسيرها نقصان وزن جسم الصائم (ازدياد نسبة الوزن المفقود) في نهاية الشهر. هذا من ناحية أما من الناحية الأخرى فإن الطاقة التي حصل عليها الجسم من وجبة الإفطار فإنه قد يتم صرف الكثير منها من خلال أداء الصائم للعبادات البدنية كصلاة التراويح وقيام الليل وغيرها ، والتي تتطلب بذل مجهود بدني إضافي.
يعتبر الامتناع عن الطعام في شهر رمضان عبارة عن رجيم قاس جدا يتعرض له الجسم أثناء ساعات الصوم , وبالتالي فإن استجابة الجهاز العصبي لهذا الحرمان الكامل من مواد الطاقة ، يكون بتنشيط عملية الخزن والتقنين في استخدام الطاقة بما في ذلك التقنين في استخدام الماء وزيادة خزنه في الجسم .
إن هذا الرجيم القاسي والمتمثل في الوزن المفقود يفيد أكثر ما يفيد الأفراد المصابين بالسمنة حيث يساعدهم ذلك على التخلص من الوزن الزائد، وبالتالي التخفيف من حدة مرض السمنة والتقليل من خطر الإصابة بالإمراض المرتبطة به مثل أمراض السكري وأمراض الكلى والمرارة والنقرس وأمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض الخطيرة التي تكون في الغالب ملازمة لمرض السمنة.
وبناء عليه , فإذا أردت عزيزي الصائم أن تغتنم هذه الفرصة الرمضانية وتتجنب السمنة, فيجب أن تتوفر في وجبة الإفطار أو وجبة السحور المزايا التالية :
· أن تكون سهلة الهضم والامتصاص وتعطي شعورا سريعا وطويلا بالشبع.
· أن تكون محتواها من السعرات الحرارية قليل.
· أن تكون ذات كثافة غذائية عالية، أي تحتوي على كثير من مكونات الغذاء المتوازن.
ومن أجل الوصول إلي هذه المواصفات عليك بإتباع الخطوات التالية: -
· البدء بتناول مواد سكرية سهلة الهضم والامتصاص وتعمل على رفع مستوى سكر الدم بسرعة، وتقلل مشاعر الجوع الناجمة خلال ساعات الصيام.
· مراقبة غذائك وذلك بالإقلال من أكل الدهون والنشويات والسكريات في شهر رمضان من خلال تناول الأطعمة المفيدة كالفاكهة والخضراوات والأسماك واللحوم خالية الدهون والحبوب والأرز البني والمعكرونة الكاملة والجبن واللبن والحليب. الخالي أو قليل الدسم وغيرها من الأطعمة المفيدة.
عزيزي الصائم إذا أردت أن تسأل أو تتساءل عن الدور الذي قد يلعبه صيام رمضان في الحد من مرض السمنة وعن السبب الذي يكون فيه الصيام مؤثرا علي أصحاب البدانة أكثر من أولئك ذوي الوزن الطبيعي فقد نوجزه في عوامل عدة منها:
· يستهلك الأشخاص المصابين بمرض السمنة الطاقة المخزونة في الجسم ( الدهون) بدرجة أكبر مما عند الإفراد الطبيعيين، وهذا بدوره يجعل كمية الوزن المفقود اكبر عند مفرطي الوزن ممن سواهم في نهاية شهر الصيام.
· إن عمليات التمثيل الغذائي (الاستقلاب) للبروتين داخل الجسم تكون أعلى عند مفرطي الوزن ممن سواهم.
· إن معدل التمثيل الأساسي، وهو أحد مقاييس الطاقة في جسم الإنسان، يكون أعلى في حالات الوزن الزائد عما هو عليه في حالات الوزن الطبيعي والوزن المنخفض.
وختاما عزيزي الصائم إذا ابتعدت عن كل الممارسات الغذائية الخاطئة المتبعة خلال ليالي الصيام فإن هذا الشهر المبارك سوف يكون له الأثر الواضح في التقليل من وزن جسمك والمحافظة عليه من الآثار المدمرة للوزن الزائد والسمنة .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق