خلافاً لبعض أمراض الحنجرة الناتجة عن أسباب ولادية، فإن
شلل الحبال الصوتية «أو الأوتار الصوتية» هو ضمن مجموعة الاضطرابات المكتسبة التي
يتراوح تأثيرها بين المعتدل، والخطر الذي يشكل تهديداً للحياة. يحدث شلل الحنجرة
عندما يعجز الحبلان الصوتيان، أو أحدهما، عن الانتفاخ أو الانغلاق بشكل طبيعي. فما
هي الحبال الصوتية على وجه التحديد؟
الحبال الصوتية «أو الأوتار الصوتية» هي رزمتان من الألياف
العضلية الموجودة في الحنجرة «التي تسمى مجازياً صندوق الصوت»، وتقع مباشرة أعلى
القصبة الهوائية الرغامى أو المجاري الهوائية، أو الحبال الصوتية تؤلف الصوت عندما
ينفث الهواء المحتبس في الرئتين، ويمر بالحبال الصوتية المغلقة، دافعاً إياها
للاهتزاز «الارتجاج».
وعند عزوف الشخص عن التكلم، تكون الحبال مشرعة لتفسح له
المجال للتنفس. ويعاني من لديه شلل في الحنجرة من صعوبة البلع ومن السعال لأن
الأطعمة والأغذية تتسرب إلى القصبة الهوائية والرئتين. يحدث هذا لأن الحبال
المشلولة تبقى مفتوحة، تاركة ممر المجرى الهوائي دون حماية.
ما الذي يسبب شلل الحنجرة؟
لشلل الحنجرة أسباب متعددة، منها الصدمة الرأسية، أو إصابة
الرقبة، أو سرطان الغدة الدرقية أو الرئة، أو ورم ضاغط على العصب، أو التهاب ذات
أصل فيروسي. لدى الأشخاص المتقدمين في السن، فإن شلل الحنجرة مشكلة شائعة بالنسبة
لهم، تؤثر على إنتاج الصوت. وقد يختبر هذا الشلل الأشخاص الذين يعانون من مرض
الباركنسون، والذين سبق وتعرضوا لجلطة. وفي حالات عديدة تبقى الأسباب غير معروفة.
* ما هي أعراضه؟
يشهد المصاب بشلل الحنجرة تغيرات غير طبيعية في الصوت وفي
نوعيته ومضايقات بسبب تصدع الحبال الصوتية. فمثلاً إذا كان حبل واحد متضرراً، كان
الصوت أجشاً مبحوحاً. وقد يلحظ أيضاً نقص في حجم الصوت وانحدار في درجاته. وفي حال
تضرر الحبلين معاً، وإن بشكل نادر، يتعرض الأشخاص لصعوبة في التنفس، نظراً لكون
الممر الهوائي في القصبة مسدوداً.
* كيف يشخّص؟
يشخص شلل الحنجرة عادة من قبل طبيب الأنف والأذن والحنجرة،
المختص بمعالجة اضطرابات هذه الأعضاء، وبعد الاستعلام عن الأعراض التي يشعر بها
المريض، يسأل الطبيب عن كيفية ظهور الأعراض ومنذ متى ابتدأت، لمحاولة تبيان السبب.
ثم يستمع الطبيب إلى صوت المريض لتمييز التنفس وخشونة الصوت. بعدها ينظر مباشرة
إلى الحبال الصوتية في داخل الحنجرة، عبر منظار وهو أنبوب يتصل بضوء في نهايته.
ويستطيع اختصاصي النطق واللغة كذلك الاستقصاء عن هذه الحالة باستخدام جهاز acoustie spectrograph جهاز يقيس ترددات
الأصوات ووضوحها، في سبيل دراسة صوت المريض وتصنيفه بين قوته وضعفه.
* كيف تتم معالجته؟
توجد طرق متعددة لمعالجة شلل الحنجرة، من بينها الجانب
الجراحي، والجانب العلاجي. في بعض الحالات يستعاد الصوت بشكل مفاجئ، دون تدخل
علاجي في السنة الأولى التي تلي الإصابة. لهذا السبب يؤجل الأطباء اتخاذ القرار
بالجراحة التصحيحية لمدة سنة حتى يتأكدوا من عدم الشفاء المفاجئ والعودة إلى
الحالة الطبيعية.
خلال هذه المرحلة، يكون الحل المقترح هو العلاج الطبي الذي
قد يتضمن تمارين تعمل على تقوية الحبال الصوتية أو تمكن التحكم بالتنفس أثناء
التكلم. أحياناً اختصاصي النطق أن يلقن المريض أساليب مختلفة في التحدث، كأن يكون
بطيئا، أو يتحدث ملء فمه بشكل واسع إدارياً.
أما الجراحة فترتكز على إضافة حاجز للحبل المشلول، أو تغيير
موقعه. ولإضافة الحاجز، يحقن الطبيب في الحبل المصاب، مادة هي على الأرجح الـ Teflon. المواد الأخرى المستعملة كذلك
Gd`collagen, وهو بروتين كركيبي، والسيليكون، وهو مادة
تجميلية، والدهن الذي في الجسم.
الحاجز الموضوع يضيق المسافة بين الحبلين، حتى يتمكن الحبل
السليم من الاقتراب من الحبل الآخر المتضرر ومساندته لتحسين الأداء في الصوت.
أحياناً، العملية التي تنقل بشكل دائم الحبل قريباً من وسط المجرى الهوائي، قد
تعمل على تحسين الصوت، إضافة إلى هذه العملية تسمح للحبل السليم أن يجري أفضل
اتصال بالحبل المجاور لتحصيل نتيجة أفضل. وإضافة حاجز للحبل الصوتي أن نقل موقعها
من شأنهما تحسين الصوت وحركة البلع معاً. وبعد هاتين العمليتين، يستطيع المريض
استكمال علاج الصوت الذي يحافظ على رهافته وتناغمه.
أما معالجة الأشخاص الذين يعانون من تضرر الحبلين فتطلب
إجراء جراحي يدعى tracheٍُُُّ؟، حيث يحدث الطبيب شقا في الجهة الأمامية للعنق، ويدخل أنبوبا
للتنفس داخل ثقب يسمى stoma، إلى داخل القصبة
الهوائية. هكذا يبدأ المريض بتنفس من خلال هذا الأنبوب بدل التنفس من الأنف والفم.
واستتباعاً لعملية قد يحتاج المريض علاجاً يشرف عليه اختصاصي النطق واللغة لتعلم
كيفية الاعتناء بالأنبوب وإعادة استخدام الصوت.
* ما مضمون الأبحاث الجارية؟
دعم المعهد الوطني للصم واضطرابات التواصل الأخرى NIDCD دراسات وأبحاث قد تساعد في توفير
إجراءات عيادية جديدة لتشخيص شلل الحبال الصوتية. فمثلاً تم تطوير برنامج معين
للحاسوب باستطاعته وصف مظاهر مهمة من الوضع الصحي للحنجرة من خلال تحليل الأصوات
التي تصدرها. فعبر قياس تماوجات حركات الصوت غير المستقرة،
يمكن هذا البرنامج الأطباء والعيادات المعالجة، من ربط هذه
القياسات بالدراسات عن سوء استخدام الصوت، وتشخيص الاضطرابات مثل الشلل العضلي
وفقدان الأنسجة. لكن بشكل عام فإن علاج الحبلين المتهتكين الذي يطال القصبة
الهوائية، قد يؤدي إلى مشاكل في صناعة الصوت، وإضعاف الحماية على الرئتين. وتشير
دراسات حديثة إلى إمكانية إعادة تأهيل الحنجرة باستخدام حوافز كهربائية لاستثارة
ردات الفعل لدى العضلات المشلولة التي تعمل على فتح الممرات الهوائية أثناء التنفس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق