سنتكلم حول تقاطر البول بعد
الانتهاء من التبول مستوضحة أسبابه ووسائل معالجته وسنحاول توضيح معالم هذه الحالة
الشائعة والتي قد تصيب الشباب والمسنين من الرجال بنسبة عالية بحيث تنغص حياتهم
وتسبب لهم القلق والارتباك واحياناً الصعوبة في اداء واجباتهم الدينية من حيث
الصلاة.
هنا أحب أن أوضح أن البول
يخزن بالمثانة ,وعند التبول يعبر البول من خلال مجرى البول أو ما يُسمى بالإحليل
إلي الخارج، والتحكم الأساسي في البول يأتي من وجود عضلة قابضة في الجزء الأول من
مجرى البول، وهذا الجزء حوله توجد غدة البروستاتا عند الرجال؛ إن أي قطرات من البول لا يمكن أن تصل إلي
الخارج بدون أمر مباشر من مركز التحكم في الدماغ والذي يأمر العضلة القابضة
(الصمام) بأن ترتخي فتفتح الطريق للبول للنزول، وهذا لابد أن يشعر به الإنسان،
ولكن عندما تتجمع نقط من البول في مجرى البول بعد منطقة العضلة القابضة فهنا فقط
من الممكن أن ينزل بدون أن يشعر به الشخص أحيانا.
كما يجب التنبيه إلي سبب هام جدا لهذه المشكلة، فغالبا لا يحدث
التنقيط بعد الفراغ من التبول إلا إذا تم الضغط على مجرى البول بشيء أثناء التبول،
وهو ما يؤدي إلى أن معظم البول ينزل كالمعتاد، ولكن النقط الأخيرة تحتجز؛ لأن قوة
الدفع بها تكون ضعيفة. وأكثر الأسباب شيوعا للضغط على مجرى البول يكون عند التبول
في وضع الوقوف عندما يحدث أن يضع الرجل ملابسه (الغيار الداخلي) أسفل مجرى البول
أو أسفل كيس الصفن، وهنا يضغط "الحزام الضام" المتواجد بالغيار الداخلي
على مجرى البول، ويحتجز بعض النقط، وتنزل هذه النقط بعد أن ينتهي الرجل من وضع
ملابسه الداخلية في وضعها الطبيعي، وهنا ننصح بالتبول في وضع الجلوس إن أمكن، وإن
لم يتيسر ذلك فيراعي عدم الضغط على مجرى البول أثناء الوقوف للتبول، لا باليد ولا
بالملابس الداخلية كما يحدث أحيانا.
وقد اقترح بعض الباحثين أن سبب التنقيط البولي الاساسي هو تواجد بول
في منطقة الاحليل البصلي أو الموثي اي الذي يمر عبر البروستاتا وتراجع هذا البول
القليل الحجم إلى المثانة عند الانتهاء من التبول خصوصاً عند وجود انسداد في
الأحليل، وبتسربه منها ثانية الى الاحليل ومنه الى الخارج بعد ان يكون الرجل قد
انتهى من التبول ولبس ملابسه الداخلية فيسبب هذا التقاطر تبلل إزاره ويؤدي إلى
الخجل والحرج والانزعاج وهذا يستدعي قيام البعض بهز العضو عدة مرات لاخراج تلك
القطرات من الاحليل ولكن بدون جدوى والمكوث في مكان قضاء الحاجة لفترات طويلة
مزعجة.
ومن ناحية أخرى فإن من أهم أسباب هذه الحالة من الناحية المرضية تضخم
في غدة البروستاتا مع الضغط على الاحليل داخلها وكذلك التهاب البروستاتا المزمن
والتضيق في الاحليل او عنق المثانة او ليونة في الاحليل او ضعف في الصمام الاحليلي
مع رخاوته او خلل في العضلات حول الاحليل او في عضلات المثانة لاسباب عصبية او
خلقية.
التشخيص:
يتم التشخيص بأخذ التاريخ المرضي الكامل وسؤال المريض حول وجود اية
اعراض بولية اخرى قد يشكو منها او امراض بولية او تناسلية ماضية قد تكون سببت
ضيقاً في الاحليل ويتبع ذلك فحص سريري على الجهاز البولي وخصوصاً البروستاتا
والاحليل ونادراً ما تتطلب هذه الحالة اجراء فحوصات اضافية كالاشعة الصوتية او
الملونة وقياس سرعة تدفق البول الكترونيا وتنظير المثانة والاحليل.
العلاج:
العلاج يتم حسب السبب اذا ما اكتشف ويعالج المريض بالعقاقير لامراض
البروستات ومنها مثبطات الجهاز الوديّ وكذلك في حالة تضييق عنق المثانة نتيجة تقلص
الصمام الداخلي او العلاج بالجراحة لقطع ضيق الاحليل بالليزر أو بالشفرة او تجريف
البروستاتا بواسطة التنظير.
ولكن في الغالبية العظمى من الحالات خصوصاً لدى الشباب لا يوجد اي
سبب ظاهر لتلك الحالة فتعالج باستعمال بعض الأساليب التجريبية لإزالتها والتخلص من
مضايقة هذه الحالة وازعاجها. ومن تلك الوسائل التي قد تنجح في الكثير من الحالات
الضغط اليدوي على الاحليل البصلي اي ما بين فتحة الشرج واسفل الخصيتين واستعمال
منشفة او منديل ورقي ناعم لامتصاص القطرات البولية من فوهة الاحليل او تدليك
الاحليل من العجان الى الصماخ البولي مباشرة بعد التبول لاخراج ما تبقى من البول
داخله وتنشيفه بمنديل ناعم.
وفي دراسة علمية تمت على المئات من المرضى الشباب الذين يشتكون من
هذه الحالة في الولايات المتحدة تبين ان تمرين الصمام الخارجي لعدة مرات يومياً قد
يكون أفضل علاج لهذه الحالة إذ انه يمنع تسرب البول الى الاحليل البصلي. ولضمان
نجاح تلك الوسيلة يجب على الرجل التعرّف الدقيق على موقع ذلك الصمام ويمكن ذلك
بسهولة اذا ما حاول اثناء التبول قطع جريان البول بتقلصه المتكرر للعضلات المحيطة
بالاحليل وثم ارخاء هذه العضلات لمزاولة التبول واعادة تلك الوسيلة عدة مرات. وبعد
تعرفه بدقة على موقع صمامه يمكن القيام بتقلص هذا الصمام رويداً لمدة 10ثوان من 10
إلى 15مرة ثلاثة مرات يوميا ولبضعة أسابيع او أشهر لتقويته. وقد أكدت تلك الدراسة
نتائج بعض الأبحاث الأخرى التي برهنت فعالية تدليك الاحليل والتمارين على عضلات
الحوض في معالجة تقاطر البول في آخر التبول أو بعد الانتهاء منه مع نجاح مرتفع
خصوصاً مع استعمال التمارين على مدة 3 أشهر أو أكثر والتي تقوي العضلات حول
الاحليل لتمكينها من أفراغه كاملاً
الخلاصة:
ان تقاطر البول بعد الانتهاء من التبويل حالة شائعة عالمياً تسبب
الانزعاج والخجل والحرج وقد تشكك المرء في طهارته عند الوضوء لأداء الفرائض كما
إنها قد تكون أحيانا عرضا لأمراض بولية مثل تضخم البروستاتا الحميد او ضيق الاحليل
او ضيق عنق المثانة او ضعف في الصمام البولي، ولكن تظل الغالبية من اسبابها مجهولة
خاصة في فئة الشباب، لذا فإنها لا تشكل اي خطر صحي للمريض ولا تحتاج عادة إلى أية
تحاليل او فحوصات متقدمة لتشخيصها.
وعلاجها يرتكز على سببها اذا ما وجد ولكنه في اغلب الحالات يستدعي
استعمال وسائل اخرى لتفريغ الاحليل من البول المتبقي داخله او تقوية الصمام
الخارجي لمنع تسرب البول عبره.
كما يجب التشديد في اهمية التأكد من نوعية هذه القطرات، فإذا كانت
تلك القطرات التي تنزل بعد الانتهاء من البول لزجة أو شفافة فإنها قد تكون مذيا أو
وديا وليس بولاً. فالمذي يتميز عن البول بخاصتين هامتين:
الأولى: أن المذي به بعض اللزوجة، وليس كالبول الذي يشبه الماء في
عدم وجود لزوجة
الثانية: أن المذي شفاف، والبول لا يكون شفافا إلا في حالة شرب الكثير من
السوائل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق