شخصية أفادت البشرية إلى يومنا هذا من تكون تلك الشخصية
وكانت المفاجأة فالصوت لم ينتقل فحسب, بل لقد أصبح أعلى مما كان عليه وأكثر وضوحا
.....إنها ليست كلماتي أنا بل كلماته هو ...إنه الطبيب الفرنسي الشاب(رينيه لينيك) فما هي قصته؟
René-Théophile-Hyacinthe Laënnec
(رينيه) ولد في باريس عام 1781 وتوفي في عام 1826وعندما بلغ السادسة من عمره توفيت والدته نتيجة إصابتها بمرض السل الرئوي والذي كان منتشرا بشكل كبير جدا في ذلك الوقت,ولما لم يكن والده قادرا على رعايته رعاية تامة نظرا لظروف عمله بالجيش الفرنسي ,فقد انتقل(رينيه) إلي بيت عمه الذي كان يعمل طبيبا, وهناك قام عمه برعايته وتربيته حتى كبر
لم تكن صحة الطفل(رينيه)بالجيدة فقد كان مصابا بمرض الربو الشعبي, كما أنه كثيرا ما كانت تصيبه نوبات من الإعياء الشديد استمرت معه طيلة حياته
وعندما أصبح (رينيه)شابا يافعا قرر الالتحاق بكلية الطب,وربما كان لموت والدته بمرض السل الرئوي أثر كبير في اتخاذه لهذا القرار.........وبالفعل تخرج الشاب(رينيه) في كلية الطب....وعمل طبيبا......
ولكن ظروفه الصحية المتعسرة اضطرته إلى التوقف عن عمله كطبيب لفترة من الوقت قضاها في دراسة اللغة اللاتينية وممارسة هواياته المفضلة ككتابة الشعر والرقص والعزف على آلة الفلوت ....إلا أن والده شجعه على العودة مرة أخرى لدراسة الطب والعمل به...وقد كان هذا رأيا موفقا إلي أبعد الحدود فقد عاد على(رينيه)بصفة خاصة وعلى الطب بصفة عامة بالخير الكثير
.
. وبينما كان الطبيب الشاب(رينيه لينيك) يقوم بفحص إحدى السيدات وكانت مصابة بمرض في القلب,وجد أنه- وبعد الانتهاء من فحصها- لم يحصل على المعلومات الكافية التي تتيح له الوصول إلى تشخيص نهائي لحالتها,وكانت الوسيلة الوحيدة التي يمكنه أن يلجأ إليها بعد ذلك هي الاستماع إلى قلبها,وكان هذا يتم في ذلك الوقت بأن يضع الطبيب أذنه مباشرة على صدر المريض وهو ما كان يسمى بــــ
immediate auscultation
وهي الطريقة التي كانت متبعة منذ عهد أبي قراط......ولكن(رينيه لينيك)كان شابا خجولا,فتحرج أن يضع أذنه مباشرة على صدر هذه السيدة الشابة,وبالتالي فهو لم يستطع أن يتم فحصه للحالة ولا أن يصل إلى تشخيص نهائي لها
خرج(رينيه) من غرفة الفحص وبينما كان يسير في الخارج تذكر ذلك اليوم الذي كان يسير فيه بين أشجار حدائق اللوفر بباريس,حيث رأى طفلين يلهوان بلوح طويل من الخشب,وقف أحدهما عند أحد طرفيه وأخذ يرسل بإشارات صوتية عن طريق حكه بإبرة كانت في يده,بينما أخذ الطفل الثاني يستقبل هذه الإشارات بوضع أذنه على الطرف الأخر اللوح الخشبي....
عندها خطرت للطبيب الشاب فكرة,فأسرع إلى غرفته وقام بلف مجموعة من الأوراق على شكل مخروطي,وعندما وضع أحد طرفيها على صدر المريضة ووضع أذنه على الطرف الأخر أكتشف أن الصوت لم ينتقل فحسب بل لقد أصبح أعلى وأكثر وضوحا مما كان عليه.
قام(رينيه)بعد ذلك بصنع أول سماعة طبية, وكانت عبارة عن اسطوانة من الخشب يبلغ طولها 30سم ومفرغة من الداخل وأطلق عليها اسم
stethoscope
وهي مأخوذة من الكلمتين اللاتينيتين
Stethos=chest
Skopein=explore\or\I see
وقد قام (رينيه)بوصف طريقته الجديدة في الاستماع والتي أطلق عليها
Mediate auscultation
.
.
لم تقتصر أبحاث الطبيب الشاب(رينيه)على أمراض الصدر فقط,فهو وعلى الرغم من أن المعلومات التي كانت متاحة في ذلك الوقت عن فسيولوجيا القلب كانت ضئيلة جدا,إلا أنه كان أول من وصف الصوت الأول والثاني لعضلة القلب,وقد نسب الصوت الثاني إلى انغلاق الصمامين الأبهر(الأورطي)والرئوي,وكا
Murmurs
كما كان ل(رينيه)أبحاث متميزة في مجال الأمراض
.
.
لقد ظلت سماعة(رينيه)الاسطوانية تستخدم حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر,واستحق(رينيه)بجدارة لقب
Father of clinical auscultation&
Father of modern knowledge of pulmonary diseases
.
.
وعندما بلغ (رينيه)الخامسة والأربعين من عمره,بدأت صحته في التدهور الشديد ,وبدأ يعاني من الحمى والسعال وضيق التنفس....فاضطر إلى ترك عمله كطبيب ومغادرة باريس للعلاج,إلا أن صحته ازدادت سوءا
وفي أيام مرضه الأخيرة طلب(رينيه)من ابن أخيه
(Mériadec)
أن يضع سماعته الاسطوانية على صدره ويصف له ما يسمعه من أصوات........وكانت المفاجأة.......فالأصوات لم تكن أبدا غريبة......بل لقد كانت مألوفة جدا.....إنها نفس الأصوات التي سمعها (رينيه)ألاف المرات.......ولم يعد ثمة شك في أن هذا الطبيب العظيم يموت ألان بنفس المرض الذي أفرد له جزءا كبيرا من كتابه وقضى طيلة عمره في دراسته.......لقد مات (رينيه)بمرض السل الرئوي
.
جاء في وصيته التي كتبها قبل وفاته بقليل((أوصي بكل أبحاثي وكتبي العلمية إلى ابن أخي ,كما أوصي له بساعتي وخاتمي,وفوق هذا كله أوصي له بأغلى شيء و أعظم شيء في تركتي ألا وهو سماعتي الطبية)).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق